التواصل الفعال كأساس للعلاقات الإنسانية الصحية

Posted on

تعد علاقاتنا الإنسانية نسيج من التفاعلات التي تشكل جوهر حياتنا الاجتماعية، ويعتبر تواصلنا مع الآخرين عنصر أساسي لبناء علاقات إنسانية ناجحة، فهو فن يمكننا من خلاله مشاركة أفكارنا ومشاعرنا بسهولة ووضوح مما يساعدنا على بناء الثقة والفهم المتبادل، ولا يقتصر على تبادل الكلمات فقط بل يمتد ليشمل لغة الجسد ونبرة الصوت والاستماع الجيد وغيرها من المهارات التي تحسن من طريقة تواصلنا مع الآخرين، لذا سنركز سوياً عزيزي القارئ في هذه المقالة على أشكال العلاقات الإنسانية والطرق التي ستحسن من طريقة تواصلك مع الآخرين حتى تتمكن من بناء علاقات أكثر قوة وتماسك.

ما هو التواصل الفعال؟

كل حوار يدور بينك وبين شخص آخر بهدف إيصال رسالة أو معلومة ما يعد تواصل،  فهو قدرتك على تبادل الأفكار والمشاعر مع الغير بشكل يسهل عملية الفهم والتفاعل بينكم، وهو الوسيلة التي تمكنك من التعرف على من حولك بشكل عميق ودقيق، وله أشكال عديدة فمنه اللفظي كحديثك المباشر مع نفسك والآخرين، والغير لفظي كلغة جسدك التي تشمل تعبيرات وجهك وإيماءاتك.  

فهم أشكال العلاقات الإنسانية

لأن علاقاتك بالآخرين تلعب دوراً محورياً في تشكيل تجاربك اليومية ونموك الشخصي، فإن فهمك لأشكالها والتمييز بينهم يعد مهماً لأنه سيمكنك من وضع كل شخص بحياتك في تصنيفه الصحيح، وبالتالي ستتمكن من تحديد أولوياتك وتقرر من يستحق وقتاً واهتماماً منك ومن لا يستحق ذلك، وتنقسم العلاقات الإنسانية إلى ستة أنواع رئيسية هي:

  •  علاقة الإنسان مع نفسه

 وهي أهم الأنواع التي يجب أن تركز عليها لأن الطريقة التي تعامل بها نفسك دائماً ما تنعكس على علاقاتك بالآخرين، وتتضمن علاقتك بنفسك عدة جوانب عليك أخذها في الاعتبار وهي:

1- الوعي الذاتي: وهذا النوع يساعدك في تحديد هويتك ومن تريد أن تكون.

2- التقدير الذاتي: وهذا النوع يتعلق بإدراكك لقيمتك ومدى احترامك لذاتك ويعد نوعاً مهماً جداً لأنه يؤثر على ثقتك بنفسك.

3- النمو الشخصي: وهذا يتعلق بمحاولات تطويرك لذاتك في كافة الجوانب وسعيك لتحقيق أهدافك ورغباتك.

4- التفكير الذاتي: وهذا يتعلق بتقييمك لمشاعرك وأفكارك وتصرفاتك.

5- العناية بالذات: وتلك تتعلق باهتمامك بصحتك الجسدية والنفسية كممارستك للرياضة وتناولك طعام صحي بالإضافة لتنمية علاقاتك الاجتماعية.

  •  العلاقات الأسرية

تعتبر العلاقات الأسرية من الأنواع الهامة جداً التي تتطلب وعياً منك ومن أسرتك في طريقة التعامل لأن كل ما تمر به ويتعلق بأسرتك يساهم في تكوين شخصيتك ويترك فيك أثراً بالغ إما إيجابي أو سلبي وإن كان سلبي فسيكون من الصعب محيه أو تخطيه.

  • العلاقات المهنية/الدراسية

 وتلك العلاقات تتسم بالرسمية في التعامل بينك وبين الآخرين، وتتمكن بها من رسم حدودك وجعلها مقتصرة فقط على العمل أو الدراسة بدون التطرق إلى أي مسائل شخصية، كعلاقتك بمديرك أو زملائك في العمل.

  •  علاقات الصداقة

 وفيها تجتمع أنت وشخص ما على حب أشياء مشتركة تجعلكم أقرب إلى بعضكم أكثر، هذه الأشياء ليست بالضرورة أن تكون ملموسة فمن الممكن أن تتفقا على حب مبادئ معينة وهذه المبادئ تريكم أنكم متشابهون فتصبحون أصدقاء مقربين، فالصديق هو الشخص الذي يدعمك ويساندك ويعينك على الخير وتشعر وأنت معه أنك على طبيعتك ولا تحتاج لتبرير أي شيء لأنه يفهمك بما يكفي، وهنا أنا أتكلم عن الأصدقاء الحقيقيون عزيزي القارئ وليس المزيفون لأن هناك من يدعي صداقتك وهو لا يعي مفهوم الصداقة من الأساس.

  • العلاقات العاطفية

وبها يضع الله الحب والقبول في قلبك تجاه شخص معين فتجد نفسك تود قضاء بقية حياتك بجانبه، كعلاقة الخطوبة والزواج، وهي من العلاقات التي يجب عليك التأني جداً في اتخاذ قرارات بشأنها لأنها إما تجعلك سعيداً تحب الحياة أو تجعلك تعيساً إلى الأبد.

  •  علاقات المعارف

وهي العلاقات السطحية التي تربط بينك وبين مثلاً جيرانك أو زملائك في الدراسة أو العمل وهي علاقات ليس لها تأثير سلبي أو إيجابي يذكر على حياتك.

أهمية التواصل في بناء العلاقات الناجحة

تواصلك مع الآخرين بالشكل الصحيح مهم جداً، لأنه سيمكنك من مشاركة ما يدور بداخلك بمنتهى الأريحية مع من حولك، وهذا سيجعل علاقاتك تتميز بمزيد من الفهم والاستيعاب، وعندما تتحسن علاقاتك بالآخرين ستجد أنك بعيد تماماً عن الشعور بالوحدة أو الرغبة في الانعزال لأن وجود الأشخاص حولك سيشعرك دائماً بالونس والدفء وسيخلق بينكما روح التعاون التي ستعينك على نموك الشخصي والمهني.

كيف تصل إلى قلوب الآخرين

لكي تتمكن من الوصول إلى قلب كل من يمر في حياتك لابد أن تمتلك عدة مهارات، هذه المهارات ستصنع فرقاً ملحوظاً في علاقاتك لذا يجب أن تهتم بتنميتها في نفسك، هذه المهارات هي:

  • مهارة الاستماع الجيد

 هذه المهارة تجعل من يمتلكها شخص مميز جداً في حياة من حوله، لأن امتلاكها غير متاح للجميع، فمثلاً تخيل معي أن هناك موضوع ما يشغل تفكيرك وأنت عالق بين اختيارين ولا تعرف أيهما أفضل، من أول شخص سيطرأ على ذهنك لتشاركه حيرتك؟ بالتأكيد ستفكر في شخص يعيرك كامل انتباهه عندما تتحدث معه، الأمر الذي يجعلك تشعر منه بالاهتمام والاحترام ولذلك هو أول شخص فكرت به عندما أردت التحدث، ولكن فكر معي، هل الشخص الذي تراه مستمعاً جيداً لك، أنت بالنسبة له مستمعاً جيداً أيضاً؟ لكي تحظى فعلاً بمستمع جيد لك عليك أولاً أن تكون مستمعاً جيداً للآخرين، فلا يعقل أن تلجأ لأحدهم كي يسمع أموراً عنك وعندما يحتاجك هو كي تسمعه يجدك تقاطعه أو لا تعيره اهتماماً أو لا تتفهمه، لذا كن حذراً في تلك النقطة لأنها يجب أن تكون متبادلة.

  • مهارة التحدث الجيد

وتلك تتمثل في قدرتك على التعبير عن نفسك وما يدور بداخلك بشكل واضح ومرتب يسهل على الطرف الآخر فهمك واستيعاب أفكارك ومشاعرك ويمكنه من طرح الحلول عليك، وهذه المهارة تتطلب وضوحاً في نبرة صوتك وثقةً في طريقة حديثك، وبالطبع نبرة الصوت وأسلوب الحديث يختلفان من شخص لآخر حسب الموقف، المهم هنا أن تعرف كيف تميز بين المواقف والأشخاص وتتعامل معهم بناءً على ما يناسبهم.

  •  مهارة التعاطف مع الآخرين

 هذه المهارة إذا لم تكن تمتلكها فلن تحظى بأية علاقات ناجحة في حياتك، فهي تختبر إنسانيتك في المقام الأول، فكيف ستتواصل بشكل ناجح مع من حولك وأنت من داخلك لا تتعاطف معهم ولا تعي مشاعرهم؟ فمثلاً عندما يأتي للتحدث معك شخص حزين ويجد أنك لا تتعاطف معه أو لا تدرك ما يقوله أو تتفه منه، تخيل معي كيف سيشعر؟ هو جاء للتحدث معك كي يشعر بتحسن وليس ليشعر بأن حزنه بلا قيمة، فلابد من مراعاة ذلك ولهذا تعد هذه المهارة هامة جداً في التعامل مع الآخرين لأنها إما تكسبك مزيد من العلاقات أو تجعل الكل يتجنب الحديث معك.

  • مهارات غير لفظية

مثل التواصل البصري ولغة الجسد والإيماءات، كل تلك المهارات يجب أن تكون على دراية بها لأن ليس كل التواصل كلمات، وكونك تفهم الآخرين من إشاراتهم أو نظراتهم فهذا يسهل عملية التواصل بينكم.

  •  إدارة الوقت

تعد مهارة إدارة الوقت أمراً ضرورياً لزيادة فعالية التواصل، فكل شخص وله التوقيت المناسب للتواصل معه، ويجب عليك تقبل واحترام ذلك.

أهم آداب التواصل مع الآخرين

هناك بعض القواعد الضرورية التي يجب عليك التحلي بها لضمان نجاح عملية تواصلك مع الآخر، وهذه القواعد تعرف بآداب التواصل، مثل:

  • احترام الآخرين

 وذلك بعدم مقاطعتهم أثناء الحديث وإظهار الاهتمام الكامل لما يقولون، وباستخدام ألفاظ لائقة ومهذبة عند التحاور معهم.

  • مراعاة الخصوصية

تعد الخصوصية أمراً بالغ الأهمية عليك مراعاته أثناء تواصلك مع الآخرين، فلا يصح التدخل في تفاصيل حياة الطرف الآخر دون إذن منه، أو التطرق إلى موضوعات شخصية وحساسة عنه وعن حياته، فكل شخص وله حدوده الخاصة به والتي يجب عليك عدم تعديها.

  • المصداقية في الحديث

وتعني أن تعبر عن أفكارك ومشاعرك بمنتهى الصدق والوضوح، وتجنب سلوكيات أخرى تفسد عملية التواصل كالمراوغة والتلاعب في الكلام والكذب.

 

وفي النهاية، أريدك عزيزي القارئ أن تعيد النظر في طريقة تواصلك مع من حولك، فمن المؤكد أنك ستجد بعض الجوانب التي يمكن تحسينها، فكلما كانت طريقتك في التواصل مع الآخرين أفضل، زاد معها التفاهم والاحترام والثقة، والوقت لم يفُت كي تطور هذه المهارات، وتجعل من بحياتك ينظر إليك بشكل مختلف ويستمتع بالتواصل والتحدث معك.

  • Share

1 Comments

  1. Rehab says:

    👏👏👏

Leave a comment

Your email address will not be published.