ثقافة الاعتذار ودورها في تعافي العلاقات الإنسانية

Posted on

الاعتذار هو مبادرة منك بالتعبير عن الندم تجاه سوء تسببت به إلى شخص ما، وهو ثقافة لا يستطيع الأشخاص ذوو الأنا العالية تطبيقها، ولا الأشخاص الذين يرون أن قول “أنا آسف” يعد ضعفاً، فهو فقط للأشخاص الأقوياء، الذين يسعون لتحسين علاقتهم بالآخرين ولا مانع لديهم في ارتكاب الأخطاء والاعتراف بها ثم الرجوع عنها، لذا في هذا المقال سوف أستعرض معك عزيزي القارئ أثر الاعتذار على علاقتك بالآخرين، وأهميته، وكيف تقوم به بالشكل الصحيح.

الاعتذار من وجهة نظر علم النفس

الاعتذار له دور كبير في استعادة راحتك النفسية، فهو ليس مريحاً للشخص الذي تعرض للإساءة فقط، بل لك أنت أيضاً كشخص تسببت في تلك الإساءة.

كيف يمكن للاعتذار أن يعزز احترام الذات 

نظراً لأن الاعتذار هو أحد الأفعال الإنسانية النبيلة التي تعكس مستوى نضج الفرد، فهو لا يظهر فقط مدى احترامك للآخرين، وإنما يعزز أيضاً احترامك لذاتك، ويتضح ذلك من خلال الآتي:

  • الاعتذار هو تحديد لشخصيتك في أعين الآخرين، فالشخص القادر على الاعتذار هو شخص سوي، وواعِ، ومسئول، على عكس الشخص الغير قادر على ذلك فهو في أعين الآخرين شخص غير سوي، غير ناضج، وغير مسئول.
  •  اعتذارك للآخرين سيخفف من شعورك بالأسى والندم تجاه نفسك، بل ستتبدل تلك المشاعر إلى مشاعر مليئة بالرضا والثقة واحترام الذات.
  •  كذلك للاعتذار دور في تعزيز علاقاتك الاجتماعية، فهو بمثابة صفحة جديدة تبدأها مع الطرف الآخر، وهو بذلك يعيد لك بناء علاقاتك المنقطعة أو التي فشلت من قبل ويجعلها أكثر صلابة واستقراراً.

الأثر النفسي لسماع كلمة “أنا آسف”

فسماع كلمة “أنا آسف” له أبعاد نفسية كثيرة تمتد داخل نفس الإنسان، على الرغم من أنها قد تبدو كلمة بسيطة، لكنها قادرة على هدم كل الحواجز التي بُنيت بين الأفراد، بشرط أن يتبعها تغيير حقيقي في السلوك، وأثرها على النفس يتمثل في:

  •  في البداية ستشعر بسلاماً داخلياً لا مثيل له، كأن شيئاً ثقيلاً كان موضوعاً على قلبك تم رفعه عنك، وهذا تعبيراً عن كم الراحة والهدوء الذي ستشعر بهما فور تلقيك الاعتذار.
  •  ستشعر بانتصار شديد، وبثقة شديدة في نفسك لأنك ستتأكد أكثر حينها أنك لم تكن تستحق ما حدث لك.
  •  ستشعر بأنك تلقائياً عفوت عن الشخص ولم تعد لديك الرغبة في الانتقام منه.

دليلك لتقديم اعتذار صادق وفعال

عزيزي القارئ، لكي تتمكن من تقديم اعتذار صادق وفعال، فهذا يتطلب منك فهماً عميقاً للخطأ الذي ارتكبته وإظهار التزام حقيقي بتجنب تكراره، وفي هذه الفقرة سنتطرق سوياً إلى الخطوات التي ستساعدك على تقديم اعتذار يسهم في إصلاح علاقاتك بالآخرين، تلك الخطوات هي:

  •  يجب أن تظهر للطرف الآخر أنك نادم على ما فعلته، وتعترف بخطئك أمامه وبأنك ستتحمل عواقب هذا الخطأ.
  •  أن تسمع كل ما بداخل الطرف الآخر من ألم، وتراعي شعوره، ولا تتوقع منه مسامحتك على الفور، فبعض الأشخاص يحتاجون وقتاً للتعافي.
  •  أن تعده بعدم تكرار تلك الإساءة مرة أخرى.
  •  أن تثبت له بالأفعال وليس بالكلام فقط أنك تنوي فعلاً عدم تكرار ذلك، فينبغي أن يطرأ على تصرفاتك تغيير ملحوظ.
  • حاول أن تعوض الطرف الآخر عن الوقت السيء الذي مر به بسببك، كأن تقضي معه أوقاتاً لطيفة تنسيه هذا الوقت الصعب، وأن تشتري له هدية مثلاً.
  • تابع معه طوال فترة تعاملكما هل يتحسن شعوره تجاهك تدريجياً أم لا، ولا تمل منه إذا أخذ وقتاً طويلاً في تخطي الإساءة.

ما يجب مراعاته عند تقديم الاعتذار

  •  التوقيت: 

حاول ألا يكون بعد مدة كبيرة من ارتكاب الإساءة، فكلما كان الاعتذار مبكراً، كانت فرصة مسامحة الطرف الآخر لك أكبر.

  •  المكان:

اختر مكاناً مناسباً للاعتذار، فيجب أن يكون هذا المكان هادئ ومريح نفسياً لك وللطرف الآخر، وحتى لو بادرت بالاعتذار عن طريق الرسائل أو المكالمات، فعليك ترتيب موعد مع الشخص لرؤيته والتحدث أمامه لأن هذا سيزيد من فرصة مسامحته لك.

  •  الخصوصية:

لا تتحدث عما بينك وبين الطرف الآخر أمام أي أشخاص آخرين ولا تدخل بينكما طرف ثالث.

 

وأخيراً وليس آخراً، أتمنى أن تجعل الاعتذار عادة دائمة في حياتك عزيزي القارئ، ولا تنس ما به من قوة كبيرة قادرة على تحويل الألم إلى فرصة جديدة لبناء الثقة، وأن اعترافك بالخطأ لا يعد ضعفاً منك بل هو سلوك يرفع من قيمتك في نظر نفسك والآخرين، لذا لا تخجل من ممارسة تلك العادة مع من حولك، وتذكر دائماً أن أول من يعتذر هو الأشجع، وأول من يسامح هو الأقوى، فاحرص دائماً على أن تكون من الأوائل.

  • Share

1 Comments

  1. Mariam Ayman says:

    تحفه كالعاده ربنا ينفع بيكي ياحبيبتي ❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️

Leave a comment

Your email address will not be published.